أهم الاخبارتقارير وتحقيقات

أزمة الكهرباء في حضرموت.. حين يتحول الوقود إلى سلاح سياسي

بقلم: المحرر السياسي

تواجه حضرموت، ولا سيما مدن ساحلها، أزمة كهرباء خانقة لم تعد مجرد انقطاع متكرر للتيار يرهق المواطنين ويعطل مصالحهم، بل تحولت إلى معضلة يومية تكشف حجم العبث الذي يطال أبسط حقوق الناس. بين حرارة الصيف القاسية وظلام يلف البيوت والأحياء، يجد الأهالي أنفسهم أمام مأساة حقيقية تتجاوز حدود التقصير الفني أو العجز الإداري، لتصل إلى ما يشبه سياسة ممنهجة هدفها استخدام الوقود أداة للضغط والمساومة.

الوقائع على الأرض تضع علامات استفهام كبيرة حول أدوار بعض الأطراف النافذة، وعلى رأسها ما يُعرف بـ “حلف الهضبة” بقيادة عمرو بن حبريش، الذي بات اسمه مرتبطاً بتعطيل وصول الوقود إلى محطات التوليد وتقليص ساعات التشغيل، الأمر الذي أدى إلى إغراق آلاف الأسر في العطش والحر والظلام. هكذا، تحولت خدمة عامة يفترض أن تكون مضمونة لكل مواطن إلى ورقة مساومة في صراع سياسي ضيق الأفق لا علاقة له بمصلحة حضرموت ولا باحتياجات أهلها.

لقد أصبح المواطن في حضرموت ضحية مباشرة لهذا الوضع غير المسبوق. فمن يعارض يُعاقب بالظلام، ومن يلوذ بالصمت يبقى أسيراً لمعاناة لا تنتهي، فيما تتضاعف معاناته الصحية والمعيشية والإنسانية. وبذلك، سقطت كثير من الشعارات التي رُفعت باسم “الدفاع عن حضرموت”، إذ أثبتت الوقائع أنها لم تكن سوى غطاء لممارسات أفرغت تلك الشعارات من مضمونها، وعمّقت جراح الناس بدل أن تداويها.

إن حضرموت اليوم تقف عند مفترق طرق. استمرار الصمت لم يعد خياراً، بل أصبح مشاركة غير مباشرة في تكريس الأزمة. المطلوب وقفة جادة وصوت واضح يضع حداً لهذا العبث، ويعيد الاعتبار للكهرباء كخدمة أساسية لا يجوز أن تُستخدم أداة للابتزاز أو العقاب الجماعي.

الكهرباء ليست رفاهية يمكن الاستغناء عنها، وليست ورقة تفاوض بين الأطراف المتصارعة، بل حق أصيل من حقوق الناس، وضمانة لاستمرار حياتهم الطبيعية بكرامة. وما لم يتم إدراك هذه الحقيقة والتعامل معها بمسؤولية وطنية، فإن حضرموت ستبقى أسيرة ظلام طويل لن يضر إلا بمستقبلها وأهلها.

وهنا يظل السؤال المشروع مفتوحاً: إلى متى يدفع المواطن ثمن صراعات لا يد له فيها؟ وإلى متى يظل الوقود سلاحاً بيد من يضعون مصالحهم فوق معاناة الناس؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic