مقالات الرأي

مُدمِّر اليمن ومُضيّع اليمنيين2

بقلم: محمد أحمد بالفخر

التفاعل الكبير من المتابعين الأكارم على مقال الأسبوع الماضي والذين أفادوني بكثير من المعلومات سأتناول بعضاً منها في المقالات القادمة إن شاء الله،

وهذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن شجرة القات الخبيثة هي السبب الرئيس لما جرى لليمن واليمنيين، وأن أضرارها وصلت إلى كل بيت سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولهذا كان التفاعل الكبير مع المقال،

وللأسف أن البعض يعتبر ظاهرة تخزين القات أنها جزء لا يتجزأ من ثقافة الانسان اليمني وهذا مرفوض جملة وتفصيلاً،

وقد كتب لي أحد الأحبة قائلاً:

(أنّ شجرة القات نحبّها وتُحِبنا)

وقد فاتني في المقال الماضي أثناء حديثي عن أصناف الحيوانات وعلاقتها بالقات أن أذكر للعظة والتأمّل ما سمعته ذات يوم في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي من أحد الأخوة من أبناء المملكة الذي قال (زرت اليمن لأزور صديقاً لي جمعتني به سنين عشرة طويلة وعلاقة صداقة مميزة ومنذ سنوات لم يعد للملكة فذهبت إلى قريته ففرحت القرية كلها بمقدمي وأقام لي مائدة غداءٍ فاخرة، فيها ما لذّ وطاب وبعد الغداء أحضروا القات لكل المدعوين وحاولوا بكل الوسائل أن أشاركهم التعاطي فرفضت تماماً لاعتبارات دينية بحتة وخاصة أنني قد سمعت فتاوي عدد من العلماء بتحريمه، فاحترموا رأيي وموقفي الحازم فأحضروا لي مجموعة من عناقيد العنب اليمني التي لم أذق أطيب منها في حياتي وكنت جالساً بجوار الشباك ومنظر أشجار القات الخضراء وغيرها من الأشجار على طول النظر وفوقها السحب تتزايد وتحس أنها قريباً منك وفي انتظار أن تهطل الأمطار فيزداد الجمال جمالاً،

وفجأة وإذا نظري وقع على حمار بين الأشجار،

فقلت محذراً بصوتٍ عالي يا الربع الحقوا الحمار بين الشجر سيأكل أشجار القات حقكم وسيعبث بها،

فضحك الجميع فصُدِمتُ من ضحكتهم فقالوا لا تخف الحمار لا يأكل القات!

فحفاظاً على مشاعرهم قلت في نفسي ولم أبدها لهم سبحان الله الحمار لا يأكلها وأنتم تضيعون وقتكم بالساعات الطوال معها)!

وقد أشرت في الأسبوع الماضي إلى أنّ القات في مظهره ومخبره يفترض أنه من أنماط النظام البائد الذي جثم على صدر الشعب اليمني قروناً طويلة والذي قامت الثورة السبتمبرية للقضاء عليه سياسيا وثقافياً واجتماعياً،

والقات وتخزينه هو نمط وسلوك من سلوكيات شخصيات ذلك النظام البائد فيفترض أن يكون من ضمن ما كان ينبغي أن ُيباد بل ومن أولى الأولويات أن تُقتلع جذور هذه الشجرة الدخيلة على التراب اليمني، وعلى ذكر الدخيلة أيضاً أخبرني صديقي الأستاذ محمد أن المعلومة التي قرأها عن أصل القات أن يمنياً كان في الحبشة قبل 843 عاماً تقريبا قد قتل مواطناً حبشياً بعد شجار حصل بينهما فحكمت المحكمة أو شيخ القبيلة على اليمني بالإعدام،

وقبل تنفيذ الإعدام جاءت زوجة الحبشي المقتول فقالت لليمني بإمكاني أن أعفوَ عنك وأتركك تعيش بشرط واحد، وهو أن تأخذ هذه الغرسات الثلاث من شجرة القات وتزرعها في بلدك فوافق اليمني على الفور، وضمنوه جماعته الذين كانوا معه لتنفيذ الشرط،

وبذلك استطاعت هذه المرأة الحبشية بدهاءٍ وكيدٍ عظيم أن تنتقم لزوجها من كل الشعب اليمني إلى قيام الساعة،

وبغض النظر عن صحة الرواية من عدمها إلاّ أنها سبب قوي للثوّار أن يجعلوا استئصال هذه الشجرة من أولوياتهم، حتى وإن قال عنها مشايخ الطرق الصوفية عبارتهم الشهيرة (القات قوت الصالحين)

ولكن للأسف كانت المفاجأة الكبرى أنه في عهد الثورة والجمهورية حدث انتشار مهول وسريع لزراعة القات وزيادة مساحة رقعته الزراعية في الجبال والهضاب والسهول والأودية،

وقد رخُصَ ثمنه وأصبح في متناول الجميع،

الفقير قبل الغني، والعامل قبل المسؤول، والصغير قبل الكبير، والمرأة قبل الرجل، وبشكل هستيري ومبالغ فيه كل يوم،

وبلغ الانتشار والتسويق أوجه بعد عام 1990م بعد تحقيق الوحدة اليمنية حيث فُتحت أسواقاً جديدة ًللقات ومتعاطية في محافظات لم تكن تعرفه من قبل، ويعتبروا تعاطيه من خوارم المروءة في حضرموت والمهره التي لم يدخلها قبل عام 1990م في يوم من الأيام، ويمنع دخوله إليها بالقانون ومن تجرأ على ذلك يصبح تحت طائلة العقاب،

ولإن الحديث طويل وحتى تعم الفائدة سنواصل الأسبوع القادم بإذن الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic