أهم الاخبارمال وأعمال

  الحوثي يعمد الوحدة بالعملة ويسرع وتيرة انهيار الاقتصاد 

عدن – حضرموت نيوز 

في خطوة جديدة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية خطيرة، أعلن الحوثيون عن صك عملة نقدية جديدة فئة خمسين ريالًا، مصنوعة من مادة حجرية، تضاف إلى عملتهم السابقة من فئة المائة ريال، التي تم إصدارها قبل نحو عامين. الخطوة التي تأتي في ظل الانهيار الاقتصادي الشامل الذي تعاني منه البلاد، تفتح الباب أمام تساؤلات عدة حول الأبعاد الحقيقية لهذه الخطوة، ومخاطرها على الاقتصاد الوطني، وتداعياتها السياسية.

رسائل سياسية على ظهر العملة

اختيار الحوثيين لمسجد العيدروس – أحد أعرق المعالم الدينية والتاريخية في مدينة عدن ذات الطابع الصوفي – لتزيين واجهة عملتهم الجديدة، ليس اختيارًا عبثيًا. بل هو رسالة استفزازية تعكس أطماع الجماعة في مدينة عدن، المدينة المنكوبة التي تعيش أزمات يومية في ظل انهيار الخدمات وانقطاع المرتبات، نتيجة للشلل الاقتصادي الذي فُرض قسرًا بفعل استهداف الحوثيين لمنشآت تصدير النفط وفرض حصار اقتصادي خانق على المناطق المحررة.

تقويض السيادة الاقتصادية والبنك المركزي

العملة الجديدة، وإن كانت بدائية الصنع ولا تحمل مواصفات أمنية، تمثل إعلان تحدٍ صريح للبنك المركزي اليمني في عدن، وللشرعية المعترف بها دوليًا، كما تعكس سعي الحوثيين إلى فرض أنفسهم كسلطة نقدية بديلة على الأرض. خطوة كهذه تُفهم ضمن سياق أوسع من محاولاتهم السابقة لفرض سياساتهم النقدية من خلال منع تداول الطبعات الجديدة من العملة الوطنية الصادرة من عدن، ما أدى إلى انقسام نقدي حاد بين مناطق الشمال والجنوب.

تكرار التجربة.. ما الذي يشجعهم؟

نجاح الحوثيين في فرض العملة السابقة (فئة المائة ريال الحجرية) كوسيلة تعامل يومية، دفعهم إلى المضي قدمًا في إصدار عملات أخرى، في ظل غياب ردع حقيقي من المجتمع الدولي أو موقف حاسم من الحكومة الشرعية. هذا النجاح، وإن كان مؤقتًا، يعكس قدرتهم على استخدام أدوات اقتصادية غير تقليدية لمواجهة مشكلات السيولة، خاصة في الفئات النقدية الصغيرة التي تمثل عصب التعاملات اليومية.

مخاطر مباشرة تهدد الاقتصاد

  1. تعزيز السوق الموازية للعملة: العملة الجديدة ستخلق بيئة خصبة لتداول عملات غير رسمية، ما يسهل عمليات المضاربة وغسيل الأموال وتمويل الحرب.
  2. زيادة الانقسام النقدي: استمرار إصدار العملات الحوثية سيعزز من الانقسام المالي بين المناطق، ما يعيق أي جهود مستقبلية لتوحيد السياسة النقدية في اليمن.
  3. تهديد الأمن الاقتصادي والإقليمي: استخدام هذه العملات لشراء العملات الصعبة، وإدخالها في الدورة المصرفية لدعم المجهود الحربي، يشكل خطرًا يتجاوز الداخل اليمني إلى الجوار الإقليمي.
  4. تحايل على العقوبات: وجود علاقات سرية تربط الجماعة بدول وحلفاء خارجيين قد يمكّنهم من طباعة عملات ورقية مستقبلًا، ما يشكل تحديًا للعقوبات الاقتصادية والرقابة الدولية.

خاتمة: نحو تحرك عاجل

إن تقليل خطورة ما يقوم به الحوثيون من صك عملات نقدية جديدة يعكس قراءة سطحية للواقع. فالجماعة، التي تستثمر في كل أدوات الانقسام والانهيار، تواصل فرض سياسة الأمر الواقع وتهيئة الظروف للانتقال إلى مرحلة صك العملة الورقية، في تجاهل تام لكل المبادرات الدولية الرامية لحل الأزمة الاقتصادية.

وهو ما يتطلب تحركًا فوريًا على أكثر من صعيد: دبلوماسي، اقتصادي، وأمني، للحد من تداعيات هذه الخطوة وفرض آليات حازمة لمنع تمادي الجماعة في تقويض ما تبقى من دعائم الاقتصاد الوطني، وحماية الشعب اليمني من المزيد من الانهيار والمعاناة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic