ما الذي جرى بين إيران وإسرائيل؟ من الرابح؟ وما هي التداعيات؟

بقلم: نبهان عبدالله بن نبهان:
في تحليلنا السابق، استعرضنا السيناريوهات المحتملة للتصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، وها نحن اليوم أمام مشهد تبدو فيه التهدئة، لا التصعيد، هي نهاية الجولة الأولى من هذا الاشتباك المعقّد، بوساطة ودور متحوّل للولايات المتحدة الأمريكية.
لكن، هل توقّف أحدنا ليسأل: ما الذي غيّر الموقف الأمريكي فجأة؟ كيف انتقلت واشنطن من دور المراقب، إلى داعم عسكري مباشر، ثم إلى وسيط تهدئة؟
الحقيقة أن واشنطن لم تكن يوماً مرتاحة لفكرة امتلاك طهران لسلاح نووي. لكنّ الإدارات الأمريكية، منذ عهد أوباما، أدركت أن الخيار العسكري المباشر ضد إيران محفوف بالمخاطر ومكلف للغاية، بل قد يُشعل المنطقة بالكامل. ولهذا، فضّلت الولايات المتحدة خيار التفاوض، بهدف احتواء البرنامج النووي والصاروخي الإيراني، مع محاولات بعيدة المدى لاحتواء النظام الإيراني داخلياً عبر دعم “التيار المعتدل”.
ما الذي تغيّر؟
الذي تغيّر هو أن ذراع واشنطن في المنطقة “اسرائيل” – بحكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة – دفعت باتجاه خيار القوة، في ظل تعثّر المفاوضات، وضغط إدارة ترمب لتحقيق نتائج سريعة قبل انتهاء فترته الرئاسية. فجاءت الضربة الإسرائيلية مدعومة أمريكياً، في محاولة لكسر المشروع النووي أو على الأقل شلّه، وربما زعزعة استقرار النظام الإيراني نفسه.
⚖️ النتائج حتى الآن؟
إيران تكبّدت خسائر جسيمة: اغتيال قيادات بارزة، استهداف منشآت نووية، وانكشاف اختراقات أمنية خطيرة.
لكن النظام الإيراني، كما اعتاد، أظهر مرونة واضحة واستطاع امتصاص الصدمة، والردّ عبر ضربات صاروخية أربكت الداخل الإسرائيلي، ودفعت نحو الهدنة.
لم تُحسم بعد الأضرار الحقيقية التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني، لكن من المؤكد أنها ستؤثّر على طاولة المفاوضات المقبلة.
هل انتصرت إسرائيل؟
من منظور عسكري استراتيجي: لا. لم تحقق تل أبيب أهدافها المعلنة. لم يسقط النظام، ولم يُمحَ البرنامج النووي، واضطرت إلى القبول بوقف إطلاق نار في ظل تآكل جبهتها الداخلية من الضربات الإيرانية.
وماذا عن واشنطن؟
رغم أنها لم تحقق الهدف الكامل، إلا أن خسائرها تكاد تكون معدومة. بل إنها تدخل المفاوضات القادمة في موقع قوة نسبي، بعدما ساهمت الضربة في إضعاف موقف طهران. وهذا ما قد يستثمره الرئيس الأمريكي القادم بشكل كبير في المرحلة القادمة.
الخلاصة:
ما جرى هو جولة تكتيكية ضمن صراع استراتيجي طويل. لم ينتصر أحد، لكن الجميع خسر بدرجات متفاوتة. وحدها واشنطن خرجت بأقل الأثمان وربما بأكبر المكاسب المؤجلة.
أترك لكم باب النقاش مفتوحًا، وسنكمل في منشورات قادمة تحليل المشهد الأمني الأبرز في المنطقة: الملف الإيراني، ما بين الردع والتفاوض.
✍️ باحث في شؤون الأمن الدولي والإقليمي