بيان هام من السفارة اليمنية في بيروت لإخراس أبواق الحوثي بعد فضيحة أحد قياداتهم

خاص ـ حضرموت نيوز
في محاولة للتشويش على خبر اعتقال أحد قياداتها في العاصمة اللبنانية بيروت بتهمة التخابر لصالح جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، لجأت مليشيات الحوثي إلى توجيه اتهامات مفاجئة لشاب يمني يُدعى مقبل بن عامر، زاعمةً أنه الجاسوس الحقيقي، وأنه أُرسل من قبل الحكومة الشرعية إلى لبنان في مهمة خاصة وسرية!!.
مقبل بن عامر، شاب تهامي من محافظة الحديدة، تنقّل في حياته القصيرة والمليئة بالصراعات والتقلبات بين عدة دول، حيث عمل في بداياته كفني كهربائي، قبل أن يترشّح – دون تنفيذ القرار – لمنصب مسؤول ثقافي في السفارة اليمنية ببيروت، بمذكرة من وزير التعليم العالي في الحكومة الشرعية، الدكتور خالد الوصابي.
ورغم عدم صدور قرار التعيين رسمياً، سافر مقبل إلى بيروت وتردد على مبنى السفارة بشكل مستمر مطالباً بتمكينه من المنصب.
وفي بيروت، تصاعدت الأزمة بعد أن بدأ مقبل اعتصاماً مفتوحاً أمام بوابة السفارة اليمنية، وأعلن إضراباً عن الطعام، احتجاجاً على تجاهل ترشيحه وتهميش دوره.
هذا التصعيد دفع أمن السفارة أكثر من مرة للتدخل وإبعاده عن المدخل، في ظل شكاوى من الموظفين حول تعرّضهم للإرباك بسبب وجوده المتكرر.
من فني كهربائي إلى متهم بالتجسس
الغريب أن عامر، الذي لا يملك أي خلفية أمنية أو سياسية مؤثرة، وجد نفسه فجأة في قلب عاصفة اتهامات وسائل إعلام مقربة من مليشيا الحوثيين بأنه العميل الذي تم القبض عليه بتهمة التجسس لصالح إسرائيل. وسرعان ما بدأ تداول الخبر عبر مواقع إعلامية مغمورة، أبرزها موقع “صدى الضاحية” (sadadahie)، الذي نشر تقريراً نسبه زيفاً إلى وكالة “يو نيوز” (unews.com)، مدعياً أن مقبل بن عامر هو الجاسوس الحقيقي، بل وزعم أنه يقيم في فندق مجهول وتم تحديد رقم غرفته دون الكشف عن اسم الفندق.
اللافت أن وكالة “يو نيوز” لم تنشر أي خبر بهذا الخصوص على موقعها الرسمي، ما أثار شكوكاً كبيرة حول صحة الادعاءات ومصدرها. واعتبر مراقبون أن هذه الحملة الإعلامية الحوثية تهدف إلى تحويل الأنظار عن الفضيحة الأمنية الكبيرة التي تمثلت في اعتقال أحد كوادر المليشيات بتهمة التعاون مع جهاز المخابرات الإسرائيلي، في وقت تسعى فيه الجماعة لتعزيز خطابها “المقاوم” في المنطقة.
السفارة اليمنية تنفي وتوضح
في بيان رسمي صدر عن السفارة اليمنية في لبنان، أوضحت السفارة أن مقبل بن عامر “لا يحمل أي صفة رسمية، ولم يكن يوماً موظفاً دبلوماسياً أو إدارياً ضمن طاقم السفارة أو الحكومة الشرعية”.
وأكد البيان أن “تواصله مع السفارة جاء بناءً على مزاعم شخصية لا تستند إلى وثائق رسمية، وأن السفارة تعاملت معه وفقاً للإجراءات المعتادة، مع إبلاغ الجهات اللبنانية المعنية بكل ما بدر عنه من تصرفات، بما في ذلك تكرار تواجده أمام مبنى السفارة وإرباكه لسير العمل وتعطيله مصالح أبناء الجالية اليمنية”.
كما شددت السفارة على أن الشاب الموقوف لا يملك أية معلومات أمنية أو خلفية تؤهله للقيام بمهام استخباراتية، مشيرة إلى أن “أكبر معلومة قد يعرفها عن الحوثيين هي أنهم حوثيون فقط، ولا أكثر”، في إشارة إلى تفاهة الاتهامات الموجهة إليه من المليشيات المدعومة من إيران.
حملة تضليل لتغطية الخرق الأمني
ويرى مراقبون أن لجوء الحوثيين إلى إتهام مقبل بن عامر بالتجسس يأتي في إطار حملة تضليل إعلامي مدروسة، هدفها التغطية على الخرق الأمني الخطير الذي مثّله اعتقال أحد قيادات المليشيات بتهمة التعاون مع إسرائيل، وهي تهمة تنسف الأساس الخطابي الذي طالما تبنته الجماعة حول معاداتها لإسرائيل و”المشروع الصهيوني” في المنطقة.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس تشهد فيه الساحة الإقليمية تصعيداً بين إسرائيل والحوثيين، خاصة في ظل تكرار الهجمات التي تنفذها الجماعة في البحر الأحمر وإعلانها الرمزي عن حصار بحري على ميناء حيفا.
الخلاصة
ما حدث لمقبل بن عامر يكشف بوضوح عن استخدام مليشيا الحوثيين للأفراد كأدوات في معاركهم الإعلامية والسياسية، حتى لو كانوا لا يملكون أي قيمة استخباراتية أو سياسية. وعلى الرغم من أن الجهات اللبنانية لم تصدر بعد بياناً مفصلاً بشأن هوية الجاسوس الحقيقي الذي تم اعتقاله، إلا أن الرواية الحوثية بدت متهافتة ومليئة بالتناقضات، ما يعزز فرضية أن الاتهام الموجه للشاب التهامي ما هو إلا محاولة بائسة لصرف الأنظار عن الفضيحة الحقيقية التي تمسّ المليشيا في عمق خطابها العقائدي والسياسي.