تحالف بن مبارك مع الانتقالي لإعادة التموضع داخل الشرعية

كتب: المحرر السياسي
في خطوة لافتة في المشهد السياسي اليمني، أصدر رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك قرارًا بتعيين سالم ثابت الناطق الرسمي باسم المجلس الانتقالي رئيسًا لهيئة الأراضي. هذا القرار، وإن بدا إداريًا في ظاهره، إلا أنه ينطوي على رسائل سياسية عميقة تعكس تحوّلًا في معادلات النفوذ وإعادة تموضع داخل السلطة التنفيذية.
الخطوة تعبّر عن تقارب متزايد بين ابن مبارك والمجلس الانتقالي، في ظل تزايد الاستقطابات داخل مؤسسات الدولة، وخصوصًا مع تباينات باتت واضحة بين رئيس الوزراء ورئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي. يُنظر إلى هذا التعيين كجزء من تحالف براغماتي يسعى من خلاله ابن مبارك لتعزيز مكانته داخل الحكومة وضمان مساحات أوسع من التأثير في صنع القرار، في مقابل محاولات أطراف أخرى لترسيخ حضورها عبر تعيينات محسوبة.
السياسيون والمراقبون يقرؤون هذا التحرك كضربة استباقية لمنع إحلال شخصيات موالية للعليمي في مواقع سيادية حساسة، وهو ما يؤشر إلى صراع نفوذ متصاعد داخل هرم السلطة. كما يعزز التعيين موقع المجلس الانتقالي داخل مؤسسات الدولة، في وقت يسعى فيه الأخير إلى تثبيت حضوره كقوة أمر واقع وشريك سياسي في إدارة المرحلة.
توقيت القرار لا يقل أهمية عن مضمونه؛ إذ يأتي في لحظة يتزايد فيها الحديث عن تعديل حكومي مرتقب وصياغة تفاهمات جديدة بين القوى السياسية اليمنية، وهو ما يجعل هذه الخطوة جزءًا من ترتيبات أوسع لإعادة رسم المشهد، وربما تمهيدًا لمرحلة تفاهمات على مستوى القيادة العليا.
السؤال المركزي الذي يفرض نفسه: هل يمثل هذا التحرك بداية لتحالف طويل الأمد بين ابن مبارك والمجلس الانتقالي، أم أنه مجرد خطوة تكتيكية لاحتواء ضغوط مؤقتة؟ وماذا سيكون رد فعل القوى الأخرى، خصوصًا تلك التي ترى في المجلس الانتقالي خصمًا سياسيًا أو مشروعًا موازياً للدولة الاتحادية؟
المؤكد أن اليمن تدخل مرحلة جديدة من إعادة تشكيل مراكز القوى، وأن ديناميكية التحالفات السياسية لم تعد تُحكم بشروط ثابتة، بل بتحولات ميدانية وحسابات آنية تتغير بتغير الظروف. وعلى ضوء ذلك، سيكون هذا التعيين واحدًا من المؤشرات الرئيسية على شكل الصراع والتحالفات في المرحلة المقبلة.