مقالات الرأي

بعد توجيه النائب العام : اعتذروا لـ “مبخوت”

بقلم: سالم بامؤمن

 

بعد توجيه النائب العام بوقف أي إجراءات متعلقة بالمشروع إلى حين رفع تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، بات من الواجب الأخلاقي والمهني أن نعيد النظر في الخطاب الإعلامي والسياسي الذي استهدف المحافظ مبخوت بن مادي، وأن نوجه اعتذاراً جماعياً لشخصٍ أثبتت الأحداث أن الاستعجال في إصدار الأحكام ضده كان خطئاً فادحاً.

 

ملف المصفاة:

لم تكن قضية المصفاة المؤقتة مجرد ملف تنموي عادي، بل تحولت إلى ساحة اشتباك بين مخاوف بيئية واقتصادية واجتماعية، الأمر الذي دفع النائب العام إلى التدخل حفاظاً على المصلحة العامة، إلا أن هذا القرار لم يكن انتقاداً ضمنياً لإدارة المحافظ، بل تأكيداً على آليات الدولة في ضمان الشفافية، هنا يظهر التناقض، فكيف تحولت الاستجابة القانونية الروتينية إلى ذريعة لشن هجوم غير مبرر على مسؤولٍ التزم بإجراءات رسمية؟

 

درس في الإنصاف:

الاعتراف بالخطأ فضيلة، والاعتذار عن التسرع في الحكم واجب، ولقد تعرض المحافظ بن ماضي لموجة اتهامات استندت إلى اجتهاداتٍ شخصية أو تفسيرات متحيزة، بينما كان من المفترض أن يُترك المجال للجهات الرقابية لتؤدي دورها، فقرار النائب العام الأخير أتى ليذكرنا بأن القانون فوق الأهواء، وأن الاحتكام إلى التقارير الفنية، وليس الضغوط الإعلامية، هو الطريق الوحيد لتقييم أي مشروع.

 

تسرع الإعلام:

لا يُخفى على أحد أن بعض وسائل الإعلام، بسعيها وراء السبق، تساهم في تشويه صورة المسؤولين قبل استكمال التحقيقات. هذه الحالة ليست استثناءً، فبدلاً من طرح الأسئلة المهنية، تحول النقاش إلى اتهامات جاهزة، مما يضعف ثقة الجمهور في مؤسسات الدولة ويُعقّد بيئة العمل العام. اليوم، مع توقف الإجراءات انتظاراً للتقرير الرسمي، يتوجب على الإعلام أن يقود حملةً لتصحيح الصورة، اعترافاً بخطأ التسرع، واحتراماً لمبدأ “البراءة حتى تثبت الإدانة”.خ

واجب الاعتذار:

إن الدعوة إلى الاعتذار للمحافظ بن مادي ليست مسألة شخصية، بل هي خطوة لاستعادة التوازن في التعامل مع القضايا العامة. فحضرموت—بموروثها التاريخي وتطلعات أبنائها—تستحق أن تُدار ملفاتها بعيداً عن التجاذبات، وأن تُبنى قراراتها على تقارير مهنية، لا على صراعات المصالح. الاعتذار اليوم سيكون رسالةً قوية بأن أخطاء النقد العشوائي لا تُصلَح إلا بالاعتراف بها، وأن دعم المسار القانوني هو الضامن الوحيد لمستقبل تنموي آمن.

العناد

في الخمسينيات، كتب الفيلسوف البريطاني “برتراند راسل”: “العناد في الخطأ لا يجعله صحيحاً، بل يجعل الخروج منه مستحيلاً”.

واليوم، أمامنا فرصة للخروج من دائرة الاتهامات غير المدعومة، والمسارعة إلى تصحيح المسار، الاعتذار للمحافظ مبخوت بن مادي ليس تنازلاً، بل هو انتصار لمبدأ أن الحقيقة يجب أن تسبق الأحكام، وأن القانون هو الفيصل الوحيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic