هل التدخل العماني القطري في الأزمة الحضرمية… حقيقة أم تخيلات !!!
بقلم : م .لطفي بن سعدون الصيعري
تسارعت التراشقات والجدل الاعلامي الحضرمي في الأسبوع الأخير بين اعلاميي الهضبة وخصومهم من اعلاميي السلطة المحلية، وقد تفجر ذلك بحدة على إثر مايسمى بالبلاغ الذي قدمه بيوم (١ يناير ٢٠٢٥م) الاعلامي صبري بن مخاشن للرئيس العليمي ورئيس الحكومة وللنائب العام والتحالف، (( *بالصوت والصورة والوثائق ، يكشف عصابات وسماسرة نهب نفط خام حضرموت وإنشاء ثلاث مصافي غير شرعية وخطيرة بساحل حضرموت في فضيحة فساد كبرى ونهب ممنهج ممن يدعون انهم الدولة ورجال دولة* )) . وقصد بذلك، توجيه الإتهام للأخ المحافظ بن ماضي كونه أعلى سلطة بالمحافظة ، وتجري كل هذه السرقة تحت رعايته .وبالفعل تماهى معظم اعلاميي الهضبة ، مع بلاغ بن مخاشن المزعوم، بين مردد ومحلل ومتهم مباشرة للمحافظ ، و واصفينه باقذع الصفات . وهكذا بات واضحا من خلال هذه الحملة الشعواء انهم يستهدفون إزاحة المحافظ عن السلطة، بعد ان ظلوا لأكثر من ستة اشهر يلوكون السنتهم ويتشدقون ويدغدغون عواطف الناس ، بحقوق حضرموت في الكهرباء والتجنيد والنفط الحضرمي والخدمات وخفص الأسعار للمشتقات النفطية والمواد الغذائية ، والحكم الذاتي وغيرها من المطالب المشروعة لحضرموت ، وعلى أساس أن الخصم هو المركز .
ولقيت هذه المطالب تعاطفا كبيرا من الشعب الحضرمي وانخرطت قطاعات كبيرة منه في التصعيد، الذي يقوده الحلف والجامع.
وخلال هذه الأزمة كنا ننبه باستمرار ، لخطورة تبهيت صورة المحافظ والتقليل من شانه، لأنه يمثل رمزية للوحدة الوطنية الحضرمية ولمنظومة الحكم التي تظلل الجميع تحت رأيتها وتوحدهم بمختلف مشاربهم وأهواءهم وتضبط حياة المجتمع برمته، حتى لا ينفلت ويتحول إلى قطيع من الوحوش يعتدي بعضه على بعض دون رادع ، ولنا في فوضى حزب (أرحل) تجربة مرة . الا ان البعض من اعلاميي الهضبة، لم يروق لهم ذلك و انفلتوا من عقالهم، ليوجهوا سهامهم المسمومة وبكل بجاحة وصفافة ونزق صبياني، ضد المحافظ بن ماضي سعيا لتشويهه واسقاطه . الأمر الذي يحتم علينا الوقوف ضد هذه الهجمة لخطورتها، على وحدة المجتمع الحضرمي ورفضا لانزلاقه للفتنة والاحتراب ،بعد ان ظلينا على الحياد في الخلاف الدائر بين المحافظ والوكيل، وسعينا بكل قوة لاحتوائه وتوحيد الصف ، بل ووقفنا مع شرعية حقوق حضرموت التي يرفعها الحلف والجامع.
ولكن فجأة حصلت هذه التطورات الدراماتيكية ، و قلبت المشهد رأسا على عقب وأصبح رأس المحافظ هو المطلوب والمستهدف الرئيسي من تصعيد الهضبة. وتمثلت هذه التطورات بمايلي:
١) مغادرة إعلامي الهضبة البارز بن مخاشن حضرموت إلى مقر إقامته في القاهرة، ومنها مباشرة إلى قطر في النصف الأول من ديسمبر. ويعود للقاهرة في (١٣ ديسمبر ٢٠٢٤م).
٢)قام بنشر بلاغه بيوم (١ يناير ٢٠٢٥م ) بالصوت والصورة وباخراج وحبكة درامية عالية الجودة، بنكهة استخباراتية، على طريقة قناة ( الجزيرة)، لايسع المستمع والمشاهد البسيط وحتى المثقف إلا أن يصدقها.
خلال الأزمة كنا ننبه لخطورة تبهيت صورة المحافظ والتقليل من شانه لأنه يمثل رمزية للوحدة الوطنية الحضرمية
٣)بنفس اليوم (١ يناير ٢٠٢٥م) يصل للهضبة، اللواء أحمد قحطان ابن المهرة، الذي يحمل الجواز العماني، ويقابل بن حبريش في زيارة خاصة لم يفصح عن أهدافها. والتكهنات أنه يحمل دعما ماديا ومعنويا عمانيا. وفي هذا السياق، قال الإعلامي الانتقالي أمجد صبيح في تصريحات له، (( إن زيارة قحطان تأتي وسط اتهامات متزايدة من خصوم الشيخ بن حبريش، التي تشير إلى وجود دعم عماني لتحركات الحلف، مع وجود تقارير تتحدث عن تنسيق مشترك مع علي الحريزي، القيادي في الاعتصام في المهرة والمدعوم عمانيا.
*وأضاف صبيح أن هذه الديناميكيات والتطورات تُفسرها بعض الأطراف كجزء من استراتيجية إقليمية أوسع تهدف إلى إضعاف الشرعية والتحكم في موارد حضرموت. ويُعتقد أن هذه التحركات قد تهدف إلى خنق السلطة وسحب ملف النفط من يد الحكومة الشرعية، مما يعزز الأطماع الإقليمية في المنطقة على حساب استقرار حضرموت والجنوب.*
*التحركات العمانية في حضرموت تثير قلقًا متزايدًا، خاصة مع محاولات لفرض نفوذ عماني في المناطق الشرقية، ما يُعتبر تحديًا واضحًا للنفوذ السعودي الإماراتي وجهودها في المنطقة. هذا الوضع يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت عمان تسعى للهيمنة على الموارد النفطية في حضرموت، وهو ما قد يمتد نحو شبوة الغنية بالثروات الطبيعية*)).
من جانب آخر، يرى البعض أن هذه التحركات العمانية قد تكون موجهة ضد جهود التحالف العربي، وبالتحديد المملكة العربية السعودية والإمارات، اللتان تسعيان إلى تعزيز استقرار المنطقة وبسط نفوذهما في حضرموت. ويُعتقد أن هذا التوجه العماني يحمل بين طياته أبعادًا سياسية تهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق الإقليمية في المنطقة.
٣) بيوم (٢ بناير ٢٠٢٥م ) يصدر تسريب مفاده أن الشيخ عمر بن الشكل الجعيدي رئيس المجلس الأهلي الحضرمي السابق، وقيادي إصلاحي وحراكي ، والمقيم حاليا في عمان، منذ تحرير المكلا من القاعدة في ابريل ٢٠١٦م، قد اجتمع بمشايخ ومقادمة الجعدة كونه شيخ الشمل ، وصرح بوقوف قبايل مرة كافة مع حلف قبائل حضرموت وسيدعمهم بأكثر من (٥٠٠) شاب وعدد (٥٠) شاص، ثم يصدر بعده بيان من قبائل الجعدة المعارضين ينفي ادعاء بن الشكل القيام بذلك، وانتحاله صفة شيخ الطائلة.
٤) بيوم (٢ بناير ٢٠٢٥م) يغادر المحافظ بصورة مفاجئة للخارج، ويردد إعلاميي الهضبة بأنها سفرة العزل وسقوط بن ماضي.
كل هذه التحركات وماسبقها من شائعات أثارت الكثير من الشكوك، بوجود دعم عماني قطري مادي ومعنوي، مكنت الهضبة من استمرار تصعيدهم لأكثر من ستة أشهر، مع مايرافقه من تكاليف لوجستية لتجمع قبلي بأكثر من الف شخص ثابت على الأقل، من غذاءات وقات وحوافز ناهيك عن الوفود التي تقاطرت على الهضبة.
توجد تقارير تتحدث عن تنسيق الشيخ عمرو بن حبريش مع علي الحريزي القيادي في الاعتصام في المهرة والمدعوم عمانيا
ولقد أصبح واضحا أن الصراع في حضرموت ليس داخليا فقط وانما تحركه وتتحكم فيه قوى اقليمية، فإضافة إلى اللاعبين الرئيسيبن( السعودية والإمارات الداعمبن للشرعية والانتقالي) فقد تدخلت عمان وقطر بقوة فيه كداعمين لفريق الهضبة، وبات الشعب الحضرمي خائفا من أن تضيع حقوق حضرموت بين مخالب هذه القوى.
ومايثير الشكوك والريبة ويؤكد تكهناتنا ومخاوفنا التي أشرنا إليها باعلاه هو حجم ردات الفعل والحملة الشعواء ، التي تلقيتها في أعقاب نشري بيوم (٣ يناير) لتغريدة على منصة اكس بهذا النص((أصبح واضحا ان الصراع في حضرموت تحركه قوى إقليمية فقد تدخلت عمان وقطر بقوة فيه كداعمين لفريق الهضبة، واخاف ان تضيع حقوق حضرموت بين مخالب هذه القوى)).
فهل تكهناتنا قد لامست الحقيقة ؟؟؟ أم أنها مجرد شطحات تحليلية!!! ذلك ماستكشفه الأيام المقبلة. ونتمنى أن تظل مجرد شطحات وهلوسات ، حتى لانصاب بصدمة فكرية تهز كياننا برمته!!! كون التصعيد الأخير للحلف والجامع، المطالب بانتزاع حقوق حضرموت المشروعة من المركز، قد أثار إعجابنا وتعاطفنا معه أسوة بالكثير من أبناء الشعب الحضرمي.