بقلم د. أحمد العوش
منذُ الأمسِ وقديماً، كانتْ حضرموتُ بعيدةً كلَّ البُعدِ عنِ المظاهرِ المسلحةِ القَبليّة، حيثُ معَ تَنَوُّعِ فئاتِ المُجتمعِ ساحلاً وهضاباً وودياناً، لمْ تَنْخرطْ أيُّ منْ هذهِ الفئاتِ في استحداثِ نقاطٍ مسلحة، واضعينَ أمامَ أعينهمْ روابطِ الدّمِ والعرفِ والتّقاليدِ التي يصعبُ تجاوزُها أو تجاهلُها، حيث يضعونَ في الحِسابِ أنّ هذهِ المظاهرَ لنْ تكونَ نهايتها إيجابيةً بقدرِ المآسي التي قدْ تُخلفُها، وكانوا يُفوّتونَ الفرصَ على المُتربّصينَ بأمنِ حضرموت، ولذلك كانوا يبتعدونَ عنْ أيّ صداماتٍ مع القوى العسكرية النظامية.
الشاهدُ منْ المظاهرِ المسلحةِ وحتّى التّجنيدِ خارجَ نطاقِ المؤسّسةِ العسكرية، حسبَ ما هو دائرٌ حالياً في المناطقِ خارجَ حضرموت، سيما مع وجودِ كياناتٍ قبليةٍ مسلحة، فإنّ البعضَ منها قدْ انزلقَ إلى صراعاتٍ كارثيةٍ ممّا أدّى إلى عدمِ السيطرةِ عليها مِمّنْ شكّلها، ولذلك كانتْ رسائلُنا ورسائلُ الشّرفاءِ منْ أبناءِ حضرموتَ والغيرونَ عليها، ومنذُ أنْ بدأَ حلفُ قبائلِ حضرموتَ ومؤتمرُ الجامعِ في التّخييمِ والمطالبةِ بحقوقٍ مُحدّدةٍ مسبقاً – ثمّ لاحقاً تَمَّ القفزُ عليها – أنْ لا تَخرجَ عن الإطارِ المألوفِ في حضرموت، وأنّ العقلانيةَ والحوارَ هما الطريقُ السّليمُ والصّحيحُ للوصولِ إلى حقوقِ حضرموت، وقدْ بادرَ كثيرٌ مِمَّنْ يهتمّونَ بإيجادِ مقترحاتٍ كخارطةِ حلٍّ لما تشهدهُ حضرموتُ حالياً هو تشكيلُ لجنةِ تواصلٍ تُجمعُ السلطةَ المحليّةَ وكلَّ المكوّناتِ والكياناتِ الموجودةِ في حضرموتِ منْ أجل:
أوّلاً: تحديدِ المحاورِ التي هي مطالبُ حضرموتَ وتكون مُحدّدةً بدقّةٍ مُتناهيةٍ ويمنعُ القفزُ عليها.
ثانياً: تحديدُ عضوٍ فاعلٍ عنْ كلِّ كيانٍ أو مكوّنٍ ومنْ السُّلطةِ المحليّة، ثمَّ الجلوسُ معَ بعضٍ في جلساتٍ تفاوضيةٍ مُغلقة، والخروجُ بتوصياتٍ تُوقّعُ منْ كافةِ المُشاركينَ وتكليفُ لجنةِ مُتابعةٍ لتنفيذِها لدى الحكومةِ والجهاتِ الأخرى ذاتِ العلاقة.
إن الحديث عنْ أنّ الحلفَ والجامعَ هو المُمثّلُ عنْ حضرموتَ وأَنَّهُ منْ حقّهِ أنْ يُصدرَ قراراتٍ عسكريةً وبناءَ مُعسكراتٍ والتّجنيدَ لها، والمضيَ بمُفردهِ في الحكمِ الذاتيّ الذي منْ أسُسِهِ مُشاركةُ الشّعبِ فيه، فهذا أمرٌ خطيرٌ يُدخِلُ حضرموتَ في دوّامةِ الصّراعاتِ والتّخوينِ، في حين أنّنا نستطيعُ تجاوزَ ذلكَ بالحِكمةِ والعقلانية، فعلى مرِّ العصور، لمْ تكنْ الفوضى أو الصّراعاتِ هي باكورةُ الحلول، بل سببًا في ضياعِ القضايا العادلة.
فهل تُريدونَ أيّها الحلفُ ضياعَ قضيتنا العادلة؟