هبة لمولاها وللناس الهبوب
المكلا- حضرموت نيوز
مرت أحد عشر عاماً على ما سُمّي بـ “الهبة الشعبية الحضرمية”، فهل هبّت حضرموت حقاً؟ أم هبّت الرياح فقط، تاركةً وراءها رماداً من الوعود وخرابًا في البنية التحتية للأحلام؟ ففيما يُحيي بعضُ السياسيين هذه الذكرى بخطبٍ رنّانةٍ، يبقى واقعُ حضرموت يُجيبُ بصمتٍ أليمٍ.
فالهبة، كما يُروّج البعض، لم تكن سوى عاصفةٍ في فنجانٍ، عاصفةٌ أثارتِ الغبارَ ثمّ هدأت، مُخلفةً خلفها أكثرَ من أسئلةٍ حائرةٍ ومُشكلةٍ لم تُحلّ. فهل حقّقت هذه “الهبة” الاستقرارَ الأمنيّ؟ أم زادتْ من تعقيداتِ المشهدِ في حضرموت، مُساهمةً في تشظّي المجتمعِ وتفاقمِ الخلافاتِ؟
يُطلقُ البعضُ شعاراتٍ عاليةً عن “الحكمِ الذاتيّ”، لكن هذا الشعارُ ما زالَ حبيسَ الأقوالِ، دونَ خُطَطٍ ملموسةٍ لتحقيقِه. فالحكمُ الذاتيّ لا يُتحقّقُ بـ “هباتٍ” و “خطبٍ” مُزيّنة، بل بإجراءاتٍ فعليةٍ على الأرض. أينَ هي هذهِ الإجراءاتُ؟ أينَ الخُططُ الواضحةُ لبناءِ حضرموتٍ مُستقلةٍ ومُزدهرة؟
يُروّج البعضُ أيضاً إلى “المُنجزاتِ” التي حقّقتها الهبة. ولكن إذا تجاهَلْنا الكلامَ المُزيّنَ، فماذا نرى؟ هل نرى حضرموتَ تُزدهرُ؟ أم نرى بنيةً تحتيةً متهالكة، وخدماتٍ أساسيةٍ مُنقطعة، وسُكّانًا يُعانون من فقرٍ ومعاناة؟
إنّ الواقعَ يُثبتُ أنّ “الهبةَ الشعبيةَ” لم تكن إلا هبةً لـ “مُولاهَا” – من حكموا وحصدوا من خلفِها المُكاسبَ السياسيةَ والشخصيةَ، بينما بقي الشعبُ الحضرميّ يُواجهُ عواصفَ الواقعِ المُرّ. ففي ذكرى هذه “الهبة” ، لابد من مُراجعةِ الذات، والتساؤلِ عن النتائجِ الحقيقية، والتخطيطِ للمُستقبل، بدلاً من الاسترسالِ في الكلامِ الجميلِ والوعودِ الزائفة. فهل سنشهد هبةً حقيقيةً في حضرموت، أم ستستمرُ الرياحُ تهبّ دونَ أثرٍ يُذكر؟