حضرموت والإدارة الذاتية: ضرورة تجاوز النهج القَبلي الضيّق
أيها الحلف، الأمة الحضرمية هي من تقرر..
بقلم د. احمد العوش
يُطرحُ مسارُ الإدارة الذاتية في حضرموت حالياً كأمرٍ حيويّ، ولكنه يُواجهُ تحدياتٍ جوهرية، فبينما يُؤكد الجميع دعمهم للمبادراتِ الراميةِ إلى تمكين حضرموت من حقوقها، نرى أن النهجَ الذي يتبعه حلفُ قبائلِ حضرموت، قائم على حَصر تدارسِ المسألةِ ضمنَ إطارٍ قبليٍّ ضَيّق، الأمر الذي يُعدُّ خطأً استراتيجيّاً يُعرقل تسويق الفكرة ويَئِدها في مهدها.
فلا أحد يعارض هذه الخطوة في حضرموت، لكن شريطةَ أن تُطبّقَ وفقَ مراحلَ منظّمةٍ، تشملُ الجوانبَ التنظيميةَ والقضائيةَ والتشريعيةَ والاقتصادية، وبالتنسيق الكامل مع السلطة المركزية، وبمباركة الدول المجاورة والمجتمع الدولي، لكن حصرَ المشاوراتِ ضمنَ نطاقٍ قبليٍّ ضَيّق بهذا الشكل، ومع عددٍ محدودٍ من المختصين، يُشكّل معضلة كبيرة.
تتطلّب الإدارة الذاتية وجودَ سلطاتٍ تشريعيةٍ وتنفيذيةٍ وقضائيةٍ منتخبةٍ ديمقراطيّاً، بالإضافة إلى استفتاءٍ شعبي
فالإدارة الذاتية ليست مسألة قبلية بحتة، بل تتطلّب إجماعاً وطنيّاً واسعاً، فضلا عن التكامل والتنسيق مع السلطة المركزية، لكن كيف سيوجد ذلك التكامل في ظل أن الحلف كان قد أصدر مؤخراً بياناً لا يعترف فيه بالسلطة المركزية التي اعلن بكل وضوح الخروج عليها بحسب البيان. ما يجعلنا نتساءل، إذاً مع من ستتفاوضون؟!
تُعرّف الإدارة الذاتية دولياً بأنّها نظامٌ يُمنحُ بموجبه إقليمٌ صلاحياتٍ واسعةً في إدارة شؤونه، مع بقاءِ بعضِ الصلاحياتِ السياديةِ بيدِ الدولة المركزية. وتتطلّب هذه الإدارة وجودَ سلطاتٍ تشريعيةٍ وتنفيذيةٍ وقضائيةٍ منتخبةٍ ديمقراطيّاً، بالإضافة إلى استفتاءٍ شعبي يُؤكّدُ إرادةَ الأهالي. وتُظهرُ تجربةُ عديدِ الأقاليم (كتالونيا، جرينلاند، مورو، سيداما، …) أهميّةَ هذه المعايير في نجاح مثل هذه العمليات.
ولكن حصرَ المشاوراتِ في إطارٍ قبليّ، بهذه الطريقة، واستثناء أطيافٍ من المجتمع الحضرميّ، يُشكّلُ خطأً جسيمًا يُعزّزُ الانقسامَ ويُعيقُ التوصّلَ إلى إجماعٍ وطني، فالأمةُ الحضرمية، بكل مُكوّناتها، لها الحق في المشاركةِ في تقريرِ مصيرها، ولا يُمكنُ لأي جهةٍ أن تُحدّدَ مستقبلَها دون إجماعٍ واسع. يجب أن يتّسمَ أيّ مسارٍ نحو الإدارة الذاتية بالتنسيقِ مع السلطة المركزية، واحترامِ القانون، والالتزامِ بالحرياتِ الأساسيةِ وحقوقِ الإنسان، وبقبولٍ من الدول المجاورة والمجتمع الدولي، و أيّ نهجٍ آخر يُعتبر غيرَ بناءٍ، بل ويُهدد استقرار حضرموت ومُستقبلها.
حصرَ مشاوراتِ الإدارة الذاتية في إطارٍ قبليّ، واستثناء أطيافٍ من المجتمع يُشكّلُ خطأً جسيمًا يُعزّزُ الانقسامَ ويُعيقُ التوصّلَ إلى إجماعٍ وطني