شهادات ضحايا أحدث غزاوات عصابات الخردة في حضرموت
خاص- حضرموت نيوز
خرج الحاج، ي.س.م، من منزله، في فوه، كالمعتاد في الصباح الباكر، كان يرسم في ذهنه خطط برنامجه اليومي أثناء ساعات الدوام في ورشته، وبينما كان يلملم شتات طاقته المنهكة بعد ليلة عانى خلالها من انتظام النوم، مع انقطاع التيار الكهربائي وتقلبات الطقس، فتح أبواب ورشته، وما أن دخلها حتى صدم بالكارثة،
١٥ دينمو و٣ مواطير، سرقت دفعة واحدة من داخل الورشة، شل تفكيره، وتيبست الدماء في عروقه، وبالكاد جلس على كرسي لالتقاط أنفاسه المتقطعة. رويدا رويدا بدأ يستعيد توازنه، ويسلم بقضاء الله وقدره، لكنه لم ييأس، بلغ عن السرقة أمنيا، وتفرغ لمتابعة خيوطها، بنفسه، حينها تواترت أنباء عن تعرض
ه.ر،د.ي أيضا للسرقة، وتشليح أسلاك الكهرباء والنحاس من داخل منزله،في فوه، كان من الطبيعي أن يستغرق في التفكير، في الرابط بين عملية سرقة ورشته وسلخ منزل من النحاس، ويضع دوائر حمراء تشركهما في التوقيت، وسرعة السرقة، واحترافيتها العالية، والنطاق الجغرافي، وبعد رحلة قصيرة قضاها متنقلا بين الأسواق بحثا عن المسروقات أو ما قد يقوده إليها اقتنع، أخيرا، بأن العثور عليها كقطع مكتملة مستحيل، وأن من سرقها باعها بعد تفكيكها كخردة. لم تكن فرضيته مبنية على هوس أو هلوسة ما بعد الصدمة، وإنما على جردة لعدد محلات شراء وبيع الخردة التي تضاعفت، وبدأت بعضها تتولى مهام المخرطة لمكائن الحديد، وتقطيعها، وتجميعها كخردة، ويتم شرائها بشبهات دون التحقق من مصدرها كما كان في الماضي حيث يتم تسجيل بيانات القطعة، وإرفاقها بصورة بطاقة مالكها، الشخصية.
عدد محلات شراء وبيع الخردة تضاعفت في المكلا وبدأت بعضها تتولى مهام المخرطة لمكائن الحديد وتقطيعها وتجميعها في مستودعات ضخمة
تعززت قناعته بأنه وغيره كثر، ضحية لعصابات لوبي الخردة وتجارها، يستقطبون الشباب العاطلين عن العمل، ومن ذوي فئة المهمشين، وينظمون صفوفهم في تشكيلات فرق سرقة تختلف مهامها باختلاف إمكانياتها، وخبرتهم في السرقة، ويضعون مبالغ على كل قطعة أو كيلو كوزن أو أكبر تفوق ما كان يمنح لسابقاتها، لتحريضهم على التخصص في سرقة الحديد، وتكثيف عملياتهم كما ونوعا، وجذب غيرهم من ضعاف النفوس ومن بالإمكان ايقاعهم في شراكهم القذرة.
يؤكد خبراء اقتصاد أن التجارة غير المشروعة في الخردة في اليمن انتعشت مؤخرا، وتداعياتها السلبية أصبحت مزدوجة، فهي تساهم في تجميع الخردة بطرق احتيالية تشجع على انتشار السرقة، ويتم تكديسها في مخازن ثم تهريبها إلى الخارج، وبيعها بالعملة الصعبة، التي تبقى في بنوك أجنبية، ويتم إعادة تدوير الخردة في صناعات تحويلية وتصدر إلى اليمن بالعملة الصعبة، وبالتالي يكون الاقتصاد الوطني قد خسر مبالغ بيعها بالعملة الصعبة التي بقت في الخارج، ويخسر عملة صعبة عند إعادة شرائها كمستورد إلى الداخل، إذ أن سعر الطن الخردة عالميا 230 دولار، بينما سعر الطن الحديد المعالج من الخردة 700 دولار.
لتجارة الخردة غير المشروعة تداعيات خطيرة على الاقتصاد الوطني والعملة المحلية والصعبة
يرى أخصائي مجتمع، أن تنامي ظاهرة السرقة بشكل عام والخردة تحديدا، مرتبطة بأزمة اقتصادية وأخلاقية أفرزتها الحرب، ساهمت في التفكك الأسري، وعجز الشباب عن العمل، وادمانهم القات وتوابعه، حتى أصبحوا فريسة سهلة للوبي الخردة يحركونهم كالدمى، ويستغلون ضعفهم وحاجتهم، ويجعلونهم رهينة نوايا تجرفهم إلى الهاوية.
وحتى نضع حد لانتشار ظاهرة سرقة الخردة، فإنه لابد من تضافر سلسلة جهود تكاملية، تقتضي:
-تشديد مراقبة مستودعات بيع وشراء الخردة، أمنيا ومجتمعيا.
-إعادة تنظيم عملية شراء الخردة وبيعها، وضبطها بتسجيل بيانات البائع وقطعته.
-تنصيب كاميرات تصوير في أسواق الخردة لمتابعة حركتها.
-إطلاع الرأي العام على جهود مكافحة السرقة بشكل عام والخردة بالذات والتوعية بخطورتها.
-دعم قرار الحكومة بمنع تصدير الخردة إلى الخارج، واعطاء الأولوية لمصانع الحديد المحلية لإعادة تصنيعها.
جهود مكافحة سرقة وتهريب الخردة تقتضي إعادة تنظيم عملية شرائها وبيعها وضبطها بتسجيل بيانات البائع وقطعته
* الصورة ارشيفية